"سافر إلى مدينة ميلانو الإيطالية عائدا إلى عمله إلا أنه إكتشف أن المنطقة التي يعمل بها قد تم وضعها تحت الحجر الصحي نتيجة إنتشار فيروس 'كورونا' بين عدد من سكانها، وبات من الصعب دخولها أو الخروج منها، كان ذلك يوم 17 فيفري المنقضي، ليقرر المسافر "سيء الحظ" العودة إلى تونس عبر رحلة بحرية بتاريخ 27 فيفري، أي قبل حوالي خمسة أيام"..
هذا مارواه وزير الصحة عبد اللطيف المكي في نقطة إعلامية أعلن خلالها عن تسجيل أول إصابة بفيروس "كورونا" في تونس، مشيرا إلى أن المسافر أحس ببعض الأعراض المريبة فاتصل بالاسعاف ليتم نقله للتشخيص أين أثبتت الفحوصات فيما بعد، إصابته بالكوفيد 19، وهو الإسم العلمي لفيروس "كورونا".
الخبر إنتشر سريعا، وتفاعل معه الكثيرون ببعض من السخرية وبكثير من التوجس، ومازال الأمر على ماهو عليه حتى تبدي لنا الأيام تفاصيل أخرى عن الوباء الذي إنتشر في أغلب دول العالم ولم يستثن بلادنا، كما كان منتظرا.
بالعودة إلى تفاصيل خبر تسجيل أول إصابة مؤكدة بالوباء، أكدت المصادر الرسمية أن الشخص المصاب تم وضعه في الحجر الصحي وإخضاعه للإجراءات العلاجية أملا في شفاءه، كما تم وضع المسافرين الذين كانوا على متن الرحلة التي أقلت المريض، وعددهم 254 شخصا، في الحجر الصحي وإخضاعهم للكشوفات الطبية الضرورية للتقصي عن الوباء المذكور.
تتالت الأنباء سريعا عن وضع أشخاص في الحجر الصحي في جهات مختلفة من البلاد، منها ولايات قفصة وتطاوين وغيرها، وهي الإجراءات التي أعلن عنها وزير الصحة والتي تشمل المسافرين الذين إحتك بهم المريض خلال الرحلة القادمة من ميلانو بتاريخ 27 فيفري الماضي، كما أن وزارة الصحة أعلنت شروعها في إجراءات عزل الفيروس ومتابعة الحالات المشتبه في إصابتها به، عبر خطة عمل ستكون بالشراكة مع وزارات أخرى وهياكل رسمية مختلفة.
فيروس كورونا المستجد، أو "كوفيد 19" كما بات يصطلح عليه علميا، هو مرض مرتبط بالمتلازمة التنفسية، وهو فيروس معد ينتقل سريعا بين البشر، ولا يوجد دواء فعال متوفر لعلاج الفيروس حتى الآن.
تم الإبلاغ عن الحالة الأولى المُشتبه بها لدى منظمة الصحة العالمية في 31 ديسمبر 2019، حيثُ كانت أعراض المرض تظهر على المصاب حينها خلال الثلاثة أسابيع السابقة لتاريخ إعلان إصابته رسميا.
وانتشر الوباء الذي أكتشف لأول مرة في مدينة "ووهان الصينية، سريعا، وانتقل إلى اغلب دول العالم، مسجلا حالات وفاة تزداد أعدادها يوميا، حيث نشرت منظمات صحية عالمية أرقاما رسمية محينة حول عدد المصابين والوفيات بالفيروس فى 60 دولة، إذ وصل عدد الوفيات إلى 3048 حالة وفاة فيما بلغ عدد حاملي الفيروس حوالي 89 ألف مصاب، و 45 ألف حالة تعافي من الفيروس.
تونس جزء من العالم، وليست مستثناة من إنتقال الفيروس الذي سافر لآلاف الأميال من شرق الأرض إلى غربها وأثر على الحياة الطبيعية للبشرية، حيث أشارت تقارير رسمية إلى أن فيروس "كورونا" قلص من عدد الرحلات الجوية بنسبة كبير، خاصة منها المتجهة إلى شرق آسيا والدول المجاورة لتلك المنطقة، كما أثر إنتشار الوباء على الأسواق العالمية للعملة والنفط والمعادن والخدمات وقطاعات أخرى حساسة، علاوة على أنه أدى إلى إلغاء عديد الأحداث الثقافية والرياضية المهمة في آسيا وأوروبا.
يرى بعض الخبراء حول العالم أن فيروس "كورونا" إختبار حقيقي للأنظمة العالمية والحكومات وجب إحتواءه والحد من خطورته، خاصة وأن العالم قد يشهد كوارث أخرى مشابهة في قادم السنوات مع إنتشار الأمراض المستجدة الناجمة في مجملها عن التغييرات في الأنظمة البيولوجية والتجارب الكيميائية والتغييرات المناخية الناتجة عن التصنيع، ولأن الأمر بات أشبه بالتحدي الحقيقي للبشر، وجب على بلادنا الإنخراط في حرب العالم ضد الوباء والسعي عبر آلياتها ووسائلها للحد من إنتشار الفيروس ومنع إمتداده لأماكن أخرى.