وأشارت الهيئة أنها تلقت إشعارا بتاريخ يوم الجمعة 23 فيفري 018 ، مفاده "تعرّض مواطن محتفظ به لشبهة اعتداء بالعنف المادّي والمعنوي على معنى الفصل 101 مكرّر من المجلة الجزائية، من قبل بعض الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين بفرقة الشرطة العدلية بحمام الأنف، ممّا سبّب له أضرارا بدنية على مستوى اليد، بالإضافة إلى تعريته بالكامل داخل مقرات الأمن وهو في تلك الساعة في حالة تقديم للنيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية ببن عروس."
وفي ما يلي نص بيان الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب وشهادة الموقوف:
على إثر الأحداث التي شهدتها المحكمة الابتدائية ببن عروس بداية من يوم الجمعة 23 فيفري 2018 في علاقة بتعهد السيد قاضي التحقيق بالمحكمة المذكورة بملف موضوعه شبهة تعذيب أحد المواطنين المشتبه به في قضية حق عام، وما تلا ذلك من تصريحات وتحركات وإجراءات قضائية، تهدّد المبدأ الدستوري للفصل 23 الذي ينص صراحة على: "تحمي الدولة كرامة الذات البشرية وحرمة الجسد، وتمنع التعذيب المعنوي والمادّي. ولا تسقط جريمة التعذيب بالتقادم."
وعملا بصلاحيات الهيئة، وخاصة منها: "تلقي البلاغات والإشعارات حول الحالات المحتملة للتعذيب أو المعاملات أو العقوبات القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة في أماكن الاحتجاز والتقصّي بشأنها وإحالتها بحسب الحالة إلى السلط الإدارية أو القضائية المختصة"،
قرّرت الهيئة نشر ملخص لتقرير زيارة التقصّي التي قامت بها في خصوص الحالة المذكورة.
ملخص تقرير زيارة تقصّ
1- الإطار العام للزيارة
مكان الزيارة: المحكمة الابتدائية ببن عروس
تاريخ الزيارة وتوقيتها: 23 فيفري 2018 على الساعة الرابعة مساء
موضوع الزيارة: زيارة تقصّ لحالة فردية إثر إشعار عن شبهة تعذيب
المتضرر: ع. ب.
تاريخ الولادة: 18/06/1990
مكان وقوع شبهة الاعتداء: مقرات فرقة الشرطة العدلية بحمام الأنف
القائم بالتقصّي: السيدة مبارك، عضو الهيئة
2- الأعمال المنجزة
تبعا لورود إشعار على الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب بتاريخ يوم الجمعة 23 فيفري 018 ، مفاده:
"تعرّض مواطن محتفظ به لشبهة اعتداء بالعنف المادّي والمعنوي على معنى الفصل 101 مكرّر من المجلة الجزائية، من قبل بعض الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين بفرقة الشرطة العدلية بحمام الأنف، ممّا سبّب له أضرارا بدنية على مستوى اليد، بالإضافة إلى تعريته بالكامل داخل مقرات الأمن. وهو في تلك الساعة في حالة تقديم للنيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية ببن عروس."
وحيث قرّرت الهيئة إيفاد العضو سيدة مبارك إلى المحكمة الابتدائية ببن عروس بغرض التثبت من صحّة الإشعار والمعلومات الواردة به والقيام بأعمال التقصّي الاستعجالية للحالة الفردية إن وجدت بما في ذلك لقاء المتضرّر المحتمل وسماعه ومعاينة حالته وتوثيق الأضرار بالصورة والصّوت.
وعند وصول عضو الهيئة على السّاعة الرابعة مساء إلى محكمة بن عروس توجّه إلى مكتب السيد المساعد الأوّل لوكيل الجمهورية من أجل تقديم صفته وتعريفه بموضوع الزيارة وطلب مقابلة المتضرّر في غرفة الإيقاف بالمحكمة، حيث تم إبلاغه من قبل رئيس مركز الشرطة بالمحكمة بعدم إمكان ذلك بناء على تعليمات شفاهية من النيابة العمومية.
وبناء على ذلك توجّه عضو الهيئة مباشرة إلى السيد وكيل الجمهورية بالمحكمة، الذي استقبله في مكتبه لمدّة حوالي نصف ساعة. وبعد تقديم الصفة وموضوع الزيارة أبدى السيد وكيل الجمهورية استحسانه لوجود الهيئة التي تعمل على تفعيل حقوق الإنسان وتحقيق العدالة والقضاء على التعذيب والوقاية منه، إلا أنه تمسك بمنع العضو من الدخول إلى غرف الإيقاف بالمحكمة باعتبارها، حسب تقديره، ليست مكان احتجاز.
وحيث تمسّك عضو الهيئة بدخول غرف الإيقاف ضمن أماكن الاحتجاز التي يحق للهيئة الدخول إليها بحسب صريح منطوق الفصل 2 من القانون الأساسي عدد 43 لسنة 2013 المتعلق بالهيئة الوطنيّة للوقاية من التعذيب، معلما السيد وكيل الجمهورية بأن هذا الرفض غير قانوني وأنه سينتظر انتهاء أعمال سماع المتضرّر من قبل مساعد وكيل الجمهورية ولن يغادر المحكمة قبل القيام بأعمال التقصي كاملة وحسب المعايير الدولية.
وحيث أنه وحوالي الساعة الخامسة مساء و45 دقيقة، طلب السيد مساعد وكيل الجمهورية مقابلة عضو الهيئة وأعلمه أنه سيتعهد بجدّية بموضوع التعذيب في حق المتضرّر المحتمل، وأنه سيتخذ الإجراءات اللازمة حول الانتهاكات التي تعرّض لها، مشيرا إلى أنه سبق وأن نبّه على نفس فرقة الشرطة العدلية بحمّام الأنف بعدم الاعتداء على الأشخاص المتهمين، مؤكدا على ضرورة التقيد في التعامل معهم في إطار القانون بما يتماشى واحترام كرامتهم وذواتهم البشرية.
كما أكد من جهة أخرى أنه سيصدر التساخير الطبية اللازمة وفي أسرع وقت لضمان حقوقه وحمايتها، ثم أنهى اللقاء مع عضو الهيئة بإعطاء تعليماته بمقابلة المحتفظ به وسماعه ومعاينة آثار العنف عليه وإجراء ما يلزم في إطار اختصاص الهيئة في مقر المحكمة في انتظار أن يتخذ القرار المناسب بشأنه بالتنسيق مع السيد وكيل الجمهورية.
3- مقابلة المتضرّر:
بسماع المتضرّر المحتمل بصفة انفرادية ودون حضور شهود، وبسؤاله عمّا تعرّض له، صرّح بالتالي: (أقوال المتحدّث وقع تلقيها شفاهيّا ودوّنها عضو الهيئة وصادق المعني بالأمر على مضمونها ووافق على أن تستعملها الهيئة صلب تقاريرها المنشورة وغير المنشورة)
" بتاريخ يوم الخميس 22 فيفري 2018 حوالي السّاعة العاشرة ليلا حضرت إلى منزلي حوالي تسع سيارات أمنية مختلفة النوع والحجم بها الكثير من الأعوان واقتحموا منزلي وأخذوني بالقوة منه إلى مقر الشرطة العدلية بمنطقة حمام الأنف. وبوصولنا هناك أدخلوني إلى مكتب رئيس فرقة الشرطة العدلية الذي طلب مني: "باش تحكي برجلة أو بأساليب أخرى؟" فأجبته: "نحكي برجلة اسألني وآنا نجاوبك".
- رئيس الفرقة: قلّي، أعطيني الكرهبة CLIO ويني؟
- المتضرّر: والله لا نعرف حتى موضوع على هذه الكرهبة وأوّل مرّة نسمع عليها من لسانك.
- رئيس الفرقة: انت موش راجل ... (وقذفه بكلام بذيء استحى من ذكره لي)
ثم طلب مني نزع ثيابي فرفضت واستجديته عدم فعل ذلك، إلا أنه سرعان ما التف حولي أربعة أعوان وانهالوا عليّ ضربا بقبضة اليد (بونية) وكانت يداي مكبلتين بالأغلال إلى الأمام ونزعوا جميع ثيابي الفوقية (مريول خلعة ومريول وبلوزون)،
ثم طلب مني رئيس الفرقة نزع سروالي فرفضت كذلك وبكيت له مستجديا عدم فعل ذلك إلا أنهم واصلوا ضربهم لي بكل ما أوتوا من قوة حتى دفعوني نحو الشباك وكنت أحاول إخفاء وجهي بيديّ المكبلتين، وإذا بإحدى اللّكمات القوية تدفعني نحو البلور فتهشم ورأيت إصبع يدي اليسرى (البنصر) يتدلّى من كفّي والدم يندفع منه ومن يديّ فصحت من هول ما رأيت حتى أغمي عليّ وفقدت وعيي، لكنهم واصلو ضربي وركلي بالأرجل (كما يقول) ثم سكبوا الماء على جسمي وأنفي وفمي حتى "شرقت"، وعندما استفقت من الغيبوبة وجدت نفسي عاريا تماما من كل ثيابي وسروالي وتباني ملقيين أمامي،
ولم يكتفوا بذلك رغم الحالة التي كنت عليها فأخذوني إلى السقيفة ووضعوني تحت المطر وألبسوني عجلة مطاطية ورشوا عليّ الغاز وواصلوا سكب الماء عليّ،
هذا وقد تولى رئيس الفرقة تسجيلي بفيديو بواسطة هاتفه الجوّال وهدّدني بأنه سينشر ذلك التسجيل على صفحات الفيسبوك ثم أعلمني أنه لن يفعل وسيحتفظ به لديه على قرص ليزري، وبقيت على تلك الحالة حتى الساعة الثانية صباحا، حينها أخذوني إلى مستشفى الحروق ببن عروس حيث تلقيت العلاج اللازم، وبعد ذلك تم نقلي إلى مركز الإيقاف ببوشوشة حوالي الساعة الثالثة والنصف صباحا ومن هناك أحضروني اليوم لسماعي من قبل النيابة العمومية."
4- معاينة المتضرّر:
عند المقابلة الفردية مع المتضرّر عاين عضو الهيئة الآثار التالية:
- يحمل ضمّادات على مستوى اليدين تغطي الكفين والكوعين.
- آثار بقايا دم متجمّد على مستوى الرأس والأذن اليسرى.
- زرقة على مستوى الوجه خاصة على الخد والعين اليسرى.
- آثار دم واضحة على ملابسه من الأمام والخلف وعلى مستوى الكمّين.
- آثار دم واضحة على جواربه وعلى مستوى القدم من الجهة الأمامية.
- آثار دم واضحة على حذائه الرياضي.
- أقفال سرواله مفتوحة ما عدى القفل الفوقي.
وقد تم توثيق كل هذه الآثار بالصورة.
5- الإجراءات التي اتخذتها النيابة العمومية:
تم إفادة عضو الهيئة أن النيابة العمومية: "أذنت بفتح بحث تحقيقي في الغرض إثر شكاية تقدّم بها المتضرّر عن طريق محاميه"
كما أفادها محامي المتضرّر بأن النيابة العمومية قرّرت: "تحويل ملف المعني بخصوص جريمة الحق العام التي وقع إيقافه من أجلها من فرقة الشرطة العدلية بحمام الأنف إلى فرقة الشرطة العدلية بالقرجاني"
6- انتهاء زيارة التقصّي الأوّلية
أنهت عضو الهيئة الأعمال الأولية للتقصّي في محكمة بن عروس على الساعة السادسة والربع مساء.
وقامت بتوجيه تقريرها للجان المختصة في الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب لاستكمال بقية الأعمال والإجراءات.
الإمضاء
السيدة مبارك
عضو الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب
قرار الهيئة
1) تكليف لجنة التقصّي بمتابعة الملف واستكمال كل أعمال التقصّي بشأنه ورفع نتيجة أعمالها إلى مجلس الهيئة حال الانتهاء منها وإحالتها بحسب الحالة إلى السّلط الإدارية أو القضائية المختصّة.
2) التوصية باستعمال الصّلاحيات التي نصّ عليها الفصل 16 من القانون عدد 43 لسنة 2013 والمتمثلة في: "يمكن لرئيس الهيئة بناء على مداولة للمجلس أن يطلب من السلط المختصّة اتخاذ الإجراءات التحفظيّة المناسبة عند حدوث خرق خطير للقوانين والتراتيب الجاري بها العمل في مجال حقوق الإنسان."
3) التوصية بنشر ملخص لتقرير زيارة التقصّي المنجزة بعد حذف كل ما من شأنه أن يشكل خطرا على الشاكي أو يساهم في تعكير وضعه.