سياسة

تشريك العسكريين والأمنيين والديوانة في الانتخابات : تشريف لهم واعتراف بهم ؟ أم "سُم" التقسيم في "دَسم" الحقوق ؟

كريمة قندوزي | الأربعاء، 21 سبتمبر، 2016 على الساعة 11:08 | عدد الزيارات : 12866
هاهو موضوع تشريك العسكريين والأمنيين والديوانة في الانتخابات يطفو مُجدّدا على الساحة السياسية مُشكّلا نقطة خلاف كبيرة وعويصة تنضاف إلى نقاط الاختلاف، ولكن يبدو أنّ لا وجود لمنطقة التقاء فيها.

 

وتجلّى الاختلاف الحاد يوم 19 سبتمبر تاريخ عرض المشروع أمام الجلسة العامة، إذ شهدت تشنجا و"صراعا" ضاريا بين الكتل النيابية والسياسيين، الذين انقسموا إلى مؤيد ورافض، بنسب متفاوتة.

 

فللمؤيدين لهذا المشروع رؤيتهم الخاصة وتفسيرهم الشخصي، إذ يعتبرونه حقا من حقوق هاته الفئة بالذات، من حقها التمتع به وعدم التفريط فيه بأي شكل من الأشكال، فضلا عن كونه طريقة لـ "تعديل ميزان القوى"، وفق تحليلهم، "فتشريك العسكرين قد يزيد من "نسبة" الولاء والطاعة للوطن"، ذلك أنّ المؤسستين العسكرية والأمنية والديوانة معروف عنها الولاء للوطن وتقديم مصلحته أمام أي مصلحة شخصية، فقد يهب العسكري حياته فداء لهذا الوطن. لكن هل يمكن أن يتعايش "الولاء للوطن" مع "الأغراض الحزبية" في كنف الحياد والأمان ؟

 

أما الرافضين لهذا المشروع فيرونه "توريطا" واضحا وصريحا للمؤسسة العسكرية والأمنية والديوانة، إذ أن تشريكها في الانتخابات هو بمثابة عملية تقسيم داخلي لهاته المؤسسات تلك المعروف عنها التماسك والوحدة والولاء الصادق للوطن، متسائلين عن مصير صناديق الاقتراع وعمّن سيحميها وعن العملية الانتخابية برمّتها؟ هل سيكون الجيش المُسيّس حارسا مناسبا لأوراق الاقتراع ؟ وهل ستكون الثكنات المكان الآمن لها من أيادي التدليس والغدر ؟

 

كما عبّر الرافضون عن تخوّفهم من أن تتحوّل الثكنات معقل الأسود إلى حلبات مصارعة ومنابر سياسية بامتياز بنكهة عسكرية، تغيب فيها كل طقوس الطاعة لهذا الوطن والولاء له، وتحضر فيها الغطرسة السياسية ليجد العسكري نفسه بين مطرقة الوطن وسندان الحزب الذي قرر الانتماء إليه، وضعية قد يستغلها صيادو المياه العكرة (وما أكثرهم) لضرب هاته المؤسسات، صمام أمان البلاد ودرعها أمام الخونة.

 

ولمناقشة هذا الموضوع بإطناب أكثر وغوص في المفاهيم والمصطلحات، عقدت جمعية قدماء خريجي معهد الدفاع الوطني مؤخرا ملتقى كبيرا معارضا لما اعتبروه "توريط الجيش والأمنيين" في الانتخابات، حضره نخبة من كبار رموز المؤسسات العسكرية والأمنية ورؤساء الحكومات ووزراء الداخلية السابقين.

 

وقد طغى الجانب المعارض على الملتقى، فمن أبرز الرافضين الخبير العسكري مختار بن نصر وأمير اللواء المدير العام السابق للأمن العسكري وللديوانة محمد المؤدب اللذان اعتبرا أنّ هذا المشروع "بدعة" وخطر محدق بالبلاد قد يتسبب في كارثة نحن في غنى عنها.

 

هذا ووجهت شخصيات عديدة من بينهم عسكريين ومدنيين نداء إلى مجلس نواب الشعب لرفض هذا المشروع وبالتالي رفض تشريك هاته الفئة في الانتخابات باعتباره الرصاصة القاتلة التي قد تصيب هذه البلاد وتقضي عليها بتقسيم الجيش والأمن والديوانة، حماة الوطن.