وقال بن نصر أنّه عندما تتخلى الدولة عن جزء من سيادتها لفائدة جهات أخرى مهما كانت يكون الشعب قد تخلى وقتيا عن إرادته و سيادته وبالتالي تخلى عن الديمقراطية مضيفا "نحن اذن اليوم في حاجة أكيدة وملحة لاعتماد إستراتجية أمنية جديدة إستراتجية التسامح صفر لمحاربة الإرهاب والتهريب والفساد والفوضى ..يسبقها استعداد كل اجهزة الدولة التنفيذية والقضائية لإنقاذ ما يمكن انقاذه بالفاعلية والنجاعة أللازمة مع حملة إعلامية تنبيهية وتحذيرية طويلة المدى لتنبيه المواطنين لخطورة التمادي في خرق قوانين البلاد".
وفي ما يلي نص التدوينة: إلى من يهمه الأمر
ان ما وصل اليه الاعتداء على السيادة الترابية يوميا من طرف المهربين ولجوئهم اليوم الى اكتراء عناصر مسلحة ليبية لتامين تحركاتهم في الجنوب التونسي يفرض اليوم على السلط المكلفة بضبط الامن والسهر على سلامة التراب الوطني ان تغير استراتجيتها تماما واني اقترح التمعن في المعطيات التالية :
حملت المؤسسة الامنية والعسكرية على عاتقها مسؤولية توفير الأمن بكل اقتدار
ولم يعد عملها منحصرا على مكافحة الجريمة،
للقيام بمهامها بالنجاعة المطلوبة تستخدم المؤسسات الامنية عدد من الإستراتجات
إستراتيجية تطبيق القانون (ضعيفة في بلادنا )
إستراتيجية الظهور العام والعلني
إستراتيجية التعليم والتوعية (ضعيفة جدا في بلادنا)
إستراتيجية الشراكة المجتمعية والحفاظ على المقدرات التي تؤمن رفاهية المجتمع
يجب ان نعي انه عندما تتخلى الدولة عن جزء من سيادتها لفائدة جهات اخرى مهما كانت يكون الشعب قد تخلى وقتيا عن إرادته و سيادته و بالتالي تخلى عن الديمقراطية.
علما انه لا يمكن تحقيق السيادة الفعلية للدولة و الديمقراطية الفعلية بدون الوسائل الضامنة للاستقلال و السيادة، قوات مسلحة كافية، متطورة، متدربة، ناجعة، وخاضعة للمراقبة الديمقراطية.
إن انعدام الأمن الذي يسببه الإرهاب والتهريب و الإجرام و الاعتداءات المتكررة على سيادة التراب الوطني يضر بالمناخ العام ويعطي الانطباع بهشاشة وضعف الدولة فتنتصب اطراف اخرى لتنتزع سلطة الدولة وتدير الملف الامنى عوضا عنها وهذا ما نشاهده في البلدان التي انهارت فيها الدولة اوتكاد ..كما إن الاعتداء على أي شخص يعطي الانطباع بأنه غير محمي من المجموعة الوطنية ويشرع في البحث عن تامين نفسه بوسائله الخاصة ،فتنشا العصابات والمجموعات المسلحة وتتطور وتنتشر وتحل محل السلطة في ضبط الأمن، كما هو الشان في بعض البلدان الافريقية وغيرها. وخلافا لما يظن البعض فالسياسة القوية أو الردعية تدعم الحريات و معها المسؤولية وهذا الأسلوب متوخى في طرف كل الدول الديمقراطية
اذ يحس الناس أنهم أحرار في القيام بالأعمال التي يريدونها لكن يعاقب الفرد متى تجاوز القانون ،في نظام قوي يعاقب المواطن عن الخطأ و التجاوز وتبقى حريته مكفولة.
إن بلد الحريات يفضل دائما الحلول القوية الوقائية و هذا الخيار يقتضي التثقيف و التوعية ليصبح المواطن مسؤولا . حسب الخبير Gary Becker الحائز على جائزة نوبل ،المجرم أو الجانح يقوم بحساب (الربح و الخسارة) قبل اقتراف الجرم
فإذ كان ربحه أكبر من خسائره يمر للتنفيذ ،انطلاقا من هذا المبدأ و لردع الجريمة بشكل فاعل يجب العقاب الفوري والمستحق. لقد تم تطبيق هذه النظرية في نيويورك من طرف الواليRudolph w. Giuliani منذ تسعينات القرن الماضي في إطار سياسة (التسامح صفر) او السماح صفر(Tolérance zéro) فحققت نتائج مذهلة في التصدي للجريمة و فرض قوة السلطة و القانون ،حيث انخفض معدل الجنوح و معدل الجريمة بشكل كبير و أصبحت نيويورك المدينة الكبرى الأكثر أمنا في الولايات المتحدة الأمريكية، و أصبحت تلك السياسة مثالا يحتذى في عدة دول من العالم.
بينما كانت التجربة البلجيكية في التصدي للجريمة و الجنوح يراعى فيها المجرم من الجانب الاجتماعي و النفسي و تراعى كذلك ظروف التخفيف فيأخذ القضاء وقتا طويلا لإصدار أحكام مخففة ،فأعطى كل ذلك نتائج عكسية حيث ازداد عدد الجرائم و لم تستطع بلجيكا الحد من الجنوح و الجريمة الى ان راجعت في السنوات الاخيرة مقارباتها الامنية.
لذلك يتفق العديد من الخبراء على ضرورة إعادة النظر في ظروف التخفيف و نسب العقاب و الذهاب إلى الزجر الرادع عوض التسامح الذي لا يمكن إلا أن يزيد من الانحراف و الإجرام والتطاول على الدولة كما هو الحال اليوم في بلادنا وكل ذلك باسم هذه الفوضى العارمة التي يسميها البعض تواصلا للثورة ،نعم تحولت الفوضى اليوم الى تحد صارخ للسلطة واعتداء على القانون وعلى الانضباط وعلى العمل وحتى على الحرية ذاتها.
لذلك اقول انه لا يجب اعتبار المجرم أو الجانح ضحية داخل المجتمع لان في ذلك فشل ذريع لضمان الأمن وان أنجع الحلول و أكثرها واقعية في التصدي للجريمة بأنواعها هو الرفع من احتمال العقاب الرادع الذي لا يفر منه أحد.نحن اذن اليوم في حاجة أكيدة وملحة لاعتماد إستراتجية أمنية جديدة إستراتجية التسامح صفر لمحاربة الإرهاب والتهريب والفساد والفوضى ..يسبقها استعداد كل اجهزة الدولة التنفيذية والقضائية لإنقاذ ما يمكن انقاذه بالفاعلية والنجاعة أللازمة مع حملة إعلامية تنبيهية وتحذيرية طويلة المدى لتنبيه المواطنين لخطورة التمادي في خرق قوانين البلاد.
كيف نطبق استراتجية " التسامح الصفر" الامنية ؟
- ضبط العقوبات بالقانون( وهذا حاصل ) وعدم اعتبار الماضي الاجتماعي و النفسي للشخص سببا في تخفيف العقاب و إعلام المواطنين بشكل واسع حولها .
- سرعة البحث في القضايا.وتفعيل دور القضاء
- ضرورة ان لا تحفظ اي قضية مهما كانت الاسباب الا بالمبررات الكافية.
- تبسيط الإجراءات في البحث و القضاء و تسريعها.
- نشر الأحكام لأن ذلك عامل ردعي هام .
- تقوية الأمن بالصلاحيات و القوانين مع تبسيط الإجراءات
- مخالفة الإجراءات لا يجب أن تبطل التتبع و إنما يتم معاقبة المخالف لها
- ضرورة تنفيذ الأحكام بسرعة و بدقة .
كل تصرف جانح للمجرمين يتسبب في عقوبات إضافية.
- توفير الأماكن الكافية في السجون ليقضي كل مجرم العقوبة المستوجبة