هذا الدعم يجب أن لا يكون مجرد تضامن أو تشجيع , و أن لا يقتصر على الدعم المعنوي فقط , بل يجب أن يؤازر بدعم آخر , مادي محسوس , من خلال الإسهام الفعلي في المقاومة , من ذلك دعم صندوق مكافحة الإرهاب حتى يتوفر للمؤسستين العسكرية و الأمنية كل أدوات و وسائل المقاومة المطلوبة و حتى تكون النتائج في المستوى المأمول .
ربما تستدعي الظروف أو تفرض أن نقوم بأكثر من المطلوب أحيانا , و أكثر من الواجب , و هذا ما فرضته الأوضاع الإستثنائية التي تعيشها البلاد , و هذا ما دفع الدولة إلى طلب المساعدة من المواطنين من خلال إنشاء صندوق للتبرع لغاية مكافحة الإرهاب .
أن تتظافر الجهود لدحر الإرهاب , ضرورة ملحة و أمر مطلوب و مرغوب , لكن يبدو أن هناك ملاحظتين وجب التنبيه إليهما ;
الملاحظة الأولى تتمثل في ربط أمن الناس بالتبرع لهذا الصندوق , و في ذلك نوع من " الإبتزاز " , المقصود أو غير المقصود , بمعنى تحريك غريزة البقاء لدى الناس و حملهم على التبرع دون تفريق بين الموسر و المعسر ( الذي يكدح ليقاوم إرهاب " الخبزة " ) .
والملاحظة الثانية تتمثل في ظهور الدولة بمظهر الحلقة الأضعف و اليد السفلى التي تنتظر العون أو " تستجديه " , و في الأمر اِنتقاص من " هيبة الدولة " ...
ربما كان من الأفضل لو لم يُسَوَّقْ الأمر على أنه تبرع , و إنما واجب يفرض نفسه على المواطن , و على الدولة أيضا , شأنه شأن التجنيد الإلزامي , فخدمة الوطن و الحرب على الإرهاب هي بالمال كما هي بالرجال .
يجب إذن على الدولة أن تغذي في الناس صفة المواطنة , و يجب على المواطن أن يجسد تلك المواطنة , حتى تتعمق العلاقة و يترسخ الشعور بالإنتماء و يصبح " وطني قبل بطني " و نكون فعلا مواطنين لا مستوطنين و لا تكون الدولة " يدا سفلى " و لا تكون يدا " غليظة " .