سياسة

التنصت و المراقبة الأمنية .. لمصلحة تونس ..أم لحساب "نداء تونس" ؟

مراد الشارني | الأربعاء، 11 مارس، 2015 على الساعة 13:11 | عدد الزيارات : 3895
مرة أخرى.."تُخترق" وزارة الداخلية..و تُستباح "هيبتها" وتُضرب مصداقيتها و "استقلاليتها" في الصميم ، بعد تسريب وثائق و تقارير أمنية "رسمية" ، و تداول هذه الوثائق في الإعلام و مواقع التواصل الاجتماعي و إطلاع القاصي و الداني عليها.

الوثاق التي يبدو أنها وصلت إلى "جناح" من الأجنحة المتصارعة داخل "نداء تونس" قبل أن تُسرب إلى الإعلام عبر أحد قياداته..هي – كما تبدو - أجزاء من تقارير نتصّت و مراقبة أمنية على عدد من رجال الأعمال و الشخصيات الإعلامية و السياسية و حتى "العسكرية" التونسية و الأجنبية..تم تسريبها و "توظيفها" بالتزامن مع الصراعات الداخلية التي يعيشها حزب "نداء تونس"..و تم "الاستدلال" بها من قبل أحد "أطراف النزاع" داخل "النداء" لإقحام أطراف من خارج الحزب في معارك "النداء" الداخلية و التسويق لنظرية "المؤامرة"..

لن نخوض كثيرا ، في هذا المقال ، في حالة الفوضى و حرب المواقع و الصراع على المناصب التي يعيشها الحزب "الحاكم" هذه الأيام..بقدر ما سنتحدث – بوضوح - في ما هو أخطر على التوانسة و أمنهم و استقرارهم..

الجميع في تونس (أمنيين.. أحزاب ، منظمات مجتمع مدني، خبراء..) متفقون على أن الأمن يجب أن يكون ،بعد الثورة ، "جمهوريا" ، مستقلا عن التجاذبات بكل أنواعها ، يعمل لحساب الوطن و أمن التونسيين و حمايتهم من الإرهاب و الجريمة المنظمة و المخدرات ، و ليس لحساب أطراف مهما كانت هويتها و مهما كان موقعها في الدولة و خارجها..وهو ما يسعى إلى تحقيقه أمنيون شرفاء وطنيون ، في إطار مخاض عسير لإصلاح مؤسستهم و مؤسسة أمن التونسيين ، و الحيلولة دون توظيفها عبر بعض "النقابات الأمنية" المشبوهة ، و بعض "المنتسبين للمؤسسة الأمنية" من الذين لم يستوعبوا بعد "درس الثورة" ، و لازالوا – ربما – يحنون إلى منطق "اللوبيات" و "التموقع" و العمل لحساب "مراكز النفوذ" بأنواعها..وفي هذا السياق ، يمكن أن نقرأ التسريبات الأخيرة من داخل الأجهزة الأمنية إلى قيادات و أطراف داخل الحزب الحاكم ومنها للإعلام..و يمكن أيضا أن نفهم علاقة بعض الأمنيين و بعض المنتسبين للنقابات الأمنية بالمشهد السياسي و خلفياتهم..

موضوع التسريبات..و انخراط بعض الأمنيين الواضح ، بشكل مباشر و غير مباشر ، في التجاذبات السياسية و حتى "المعارك" الداخلية للأحزاب أمر خطير للغاية..يجب أن "يُواجه" بجدية و "صرامة" عبر القضاء و مصالح الرقابة بوزارة الداخلية ، كما يجب الكشف عن المسؤولين عن هذه التسريبات و إعلان هوياتهم..و في صورة عدم وضع حد لهذه "المهازل"..ستتراجع ثقة المواطن في الأمن..كما ستتراجع ثقة الدول التي تتعامل "أمنيا" مع تونس و "تنسق" مع أجهزتها في عديد الملفات.. و ستُضرب مصداقية "الجهاز برمته"..رغم أن من يقوم بمثل هذه الممارسات هم قلة..