فقد نعت السبسي كل من انتخب المترشح المستقل المنصف المرزوقي بالإرهابيين والجهاديين المتشددين، مما أثار حفيظة كل من انتخب المرزوقي، حيث عرفت بعض المناطق الداخلية احتجاجات حول هذه التصريحات "غير المسؤولة" والتي أشعلت فتيل النعرات الجهوية بعد إطفائها طيلة 3 سنوات.
ولم تغب مواقع التواصل الاجتماعي عن هذا الحدث حيث تعمّد البعض الردّ على السبسي إما بفيديوات خاصة أو صور ملأت الصفحات أو نشريات تراوحت بين "التنبير الفايسبوكي" وبين الإستنكار والنقد الشديد.
يبدو أنّ تصريحات السبسي لم تشفِ غليل البعض من منافسهم المرزوقي، فتدافع البعض للدفاع عنه والكيل المزيد من الشتائم لأهالي الجنوب، باعتبار أنّ أغلب أصواته انتصرت له ولبّت نداءه بالوقوف أمام الماكينات العتيدة لبعض الأحزاب التي ضخّت أموالا طائلة وجنّدت إعلامها لتحقيق ما تصبو إليه.
واصطفّ الكثير في صفّ السبسي فكتبت سلوى الشرفي، الأستاذة الجامعية في الصحافة، على حسابها الشخصية تدوينة صدمت متابعيها من إعلاميين وسياسيين، حيث وصفت أنصار المرزوقي بـ "الفضلات".
هكذا خيّروا التعبير عن اختلافهم مع الآخر، قفزوا من أعالي "مناصبهم" إلى القاع، إلى مستويات ضحلة من التعابير والتصريحات وعبارات الشتم والسب، لا تليق بمستوياتهم العلمية والعملية، ودون تكليف أنفسهم عناء الإعتذار.
وقد أجمع أغلب السياسيين والإعلاميين على خطورة هذه التصريحات، حيث دعا البعض السبسي للإعتذار ومحاولة تهدئة الوضع الذي لا يحتمل التأجيج، خاصة وأن الفترة حساسة، وشبح الإرهاب يترصّد بتونس يبحث عن باب يسهل الدخول عبره.
حيث اعتبر اسكندر الرقيق، في تصريح خاص لزووم تونيزيا، أنّ ما صرّح به السبسي يندرج ضمن "الخرف السياسي" ومن المفروض أن يعتذر.
في حين وصف القيادي بحزب المؤتمر طارق الكحلاوي هذا التعنّت والإصرار على عدم الإعتذار بأنّه تكبّر واضح، فلا ضير من الإعتذار و"كلّنا خطاؤون"، حسب قوله، مذكرا بأنّ إدارة الحملة الانتخابية للمرزوقي لم تتوانَ عن الاعتذار بخصوص لفظ "طاغوت" التي قالها المرزوقي واحتجاج البعض من السياسيين عليها.
ولم يفوّت بعض الشيوخ هذه الفرصة للتعبير عن موقفهم الشخصي، خارج الإطار الديني، حيث أكّد إمام جامع اللخمي رضا الجوادي، على حسابه الشخصي على الفايسبوك، أن "انتخاب السبسي رئيسا سيكون خطرا على تونس".
فيما يواصل السبسي حملته الانتخابية دون اكتراث لهذا الموضوع الذي صار حديث الساعة في جميع البلاتوهات والإذاعات، كما يواصل أنصاره و "الندائيون" من جهتهم تعنّتهم وإصرارهم على أنّ تصريحات السبسي لا تستحق هذا "التهويل" داعين المرزوقي للتهدئة !
ووسط هذا الجدال يقوم الرئيس الحالي المنصف المرزوقي بتوجيه كلمة للشعب التونسي يطالبه فيها بالتهدئة واتّخاذ موقف الحكمة والرصانة، داعيا إيّاه للاحتجاج السلمي وعدم الإنزلاق للعنف الذي يبحث عنه البعض لتمرير مخططاتهم.
وبين مساند ومحتج، نجد شبه إجماع سياسي على خطورة الوضع وعدم تحمّله المزيد من التأزّم بمثل هذه التصريحات السياسية غير المسؤولة، مع تخوّف البعض من أن تكون هذه التصريحات إشارة حمراء تنذر بعودة التجمّع بثوب النداء، خاصّة مع توارد أنباء حول القبض على البعض من شبابنا ممن احتجّوا على السبسي بالكتابة على الجدران، فكان السجن مآلهم.