سياسة

حيرة أوروبا في العام الجديد

زووم تونيزيا | الجمعة، 11 جانفي، 2013 على الساعة 15:52 | عدد الزيارات : 1494
طبيعة الأزمة الأوروبية الدور الألماني مصير فرنسا عدم اليقين في بريطانيا تُرى هل تنتهي أزمة الديون…
لسيادية بمنطقة اليورو في عام 2013، أم أنها سوف تستمر على مدار السنة، بل ربما تتدهور من جديد؟ من المرجح ألا يكون هذا هو التساؤل الحاسم الوحيد بالنسبة للمزيد من التنمية في الاتحاد الأوروبي فحسب، بل سوف يشكل أيضا قضية رئيسية تؤثر على أداء الاقتصاد العالمي. وفي حين يحتاج الاتحاد الأوروبي بوضوح إلى إصلاحات داخلية، فهناك عاملان سياسيان خارجيان يشكلان أهمية مركزية بالنسبة لآفاق الاتحاد هذا العام. الأول يتلخص في الهاوية المالية التي فرضتها أميركا على نفسها، والتي قد تعيد الولايات المتحدة إن لم تتمكن من تجنبها إلى الركود من جديد، مع كل ما قد يترتب على هذا من تداعيات هائلة بالنسبة للاقتصاد العالمي، وبالتالي بالنسبة لأوروبا. والثاني يتمثل في احتمالات اندلاع حرب ساخنة في الخليج، حيث تواجه إسرائيل و/أو الولايات المتحدة إيران بشأن برنامجها النووي، والتي قد تسفر عن ارتفاع حاد في أسعار الطاقة العالمية. أي من السيناريوين سوف يؤدي إلى تفاقم الأزمة في أوروبا إلى حد كبير، ذلك لأن ارتفاع تكاليف النفط إلى عنان السماء أو عودة الولايات المتحدة إلى الركود من شأنه أن يلحق الضرر حتى بالاقتصادات القوية في شمال أوروبا، ناهيك عن الدول المتعثرة بالفعل في جنوب أوروبا. ولكن حتى إلى جانب هذا، فإن العواقب الإنسانية -وخاصة في حالة اندلاع حرب أخرى في الشرق الأوسط- سوف تحجب على الأرجح فداحة تأثير أي من هذين السيناريوين على الأزمة الأوروبية. " طبيعة الأزمة في أوروبا تبدو في ظاهرها اقتصادية ولكنها في واقع الأمر سياسية، حيث تفتقر إلى الإطار السياسي  اللازم لاحتواء اتحادها النقدي، وما يلزم من رؤية وزعامة لخلق ذلك الإطار " طبيعة الأزمة الأوروبية الواقع أن طبيعة الأزمة في أوروبا تبدو في ظاهرها اقتصادية أو مالية فحسب؛ ولكنها في واقع الأمر سياسية في صميمها، فقد كشفت عن حقيقة مفادها أن أوروبا تفتقر إلى شيئين: الإطار السياسي -المزيد من الدولة- اللازم لاحتواء اتحادها النقدي، وما يلزم من رؤية وزعامة لخلق ذلك الإطار. منذ اندلاع الأزمة الأوروبية في عام 2009، شهد الاتحاد الأوروبي ومنطقة اليورو تغيرات هائلة غير مسبوقة. فاليوم، أصبحت منطقة اليورو على الطريق نحو إنشاء اتحاد مصرفي، وربما يعقب ذلك تأسيس اتحاد مالي، وهذا من شأنه أن يؤدي إلى إنشاء اتحاد سياسي حقيقي يستحوذ مركزياً على السيادة على عملية صناعة القرار الاقتصادي الأساسي. بيد أن هذه التطورات لم تأتِ كجزء من إستراتيجية واضحة. فلولا الأزمة ما كانت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل -وغيرها من الزعماء الوطنيين في الاتحاد الأوروبي- لتبدي استعدادها لاتخاذ هذه الخطوات. ومن غير المرجح أن تتبدل هذه الحال في عام 2013. الدور الألماني فحتى اليوم، ومع اقتناع اللاعبين الأساسيين في منطقة اليورو ظاهريا بأنهم خرجوا من المأزق، فإن ضيق الأفق على المستوى الوطني بدأ يعود إلى الحياة في الاتحاد الأوروبي، وتبدو الرغبة في التغيير وكأنها في انحسار. " أنجيلا ميركل الساعية لإعادة انتخابها تبدو راضية بترك المسألة الأوروبية المتأزمة إلى أن يعاد انتخابها بعد تسعة شهور " وبشكل خاص، تريد المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أن يعاد انتخابها في عام 2013، وتبدو راضية بترك مسألة أوروبا إلى وقت لاحق. ولكن من المؤسف، مع انتظار الانتخابات في سبتمبر/أيلول، أن هذا يعني إهدار ثلاثة أرباع العام. ولأن ظهور تحالف آخر بزعامة ميركل يبدو أكثر ترجيحا (على الأقل من منظور اليوم) فإن أي تغيير حقيقي في الحكم في ألمانيا ما بعد الانتخابات، وخاصة في غياب الضغوط المتجددة التي تفرضها الأزمة، سوف يظل مقترنا بسياسة الخطوات الصغيرة أو الضئيلة، وهذا يعني أن أوروبا سوف تراوح في المكان دون إحراز تقدم يُذكَر. ونتيجة لهذا، فإن التطورات في جنوب أوروبا سوف تظل تشكل عاملا رئيسيا في تحديد مسار أوروبا في عام 2013، فسوف يستمر الكساد في تعتيم آفاق النمو الاقتصادي في مختلف أنحاء الاتحاد الأوروبي ومنطقة اليورو. وسوف تتسع الفجوة بين الشمال الغني ودول الجنوب المبتلاة بالأزمة، على نحو يسلط الضوء على المصالح المتناقضة بين الجانبين، ويؤدي بالتالي إلى تفاقم الاتجاه نحو الانفصال، وبخاصة بين الشمال والجنوب، وأيضا بين منطقة اليورو وبقية الاتحاد الأوروبي. وسوف يكون البنك المركزي الأوروبي مركز قوة لمنطقة اليورو، وبشكل أعظم من حاله اليوم، لأنه المؤسسة الوحيدة بين مؤسسات الاتحاد النقدي القادرة عل العمل حقا. ورغم أن البنك المركزي الأوروبي ليس بينه وبين البنك المركزي الألماني القديم أية قواسم مشتركة، فإن الرأي العام في ألمانيا لم يعترف بهذه الحقيقة. ولأن سلطة البنك المركزي الأوروبي لا تشكل أكثر من بديل تكنوقراطي لمؤسسات منطقة اليورو السياسية الديمقراطية الغائبة فإن هذا سوف يظل يمثل مشكلة متنامية في عام 2013. ويصدق هذا أيضا، بشكل أكثر عموما، على الهيمنة الألمانية على الاتحاد الأوروبي. فإذا استمر من دون تنظيمات مؤسسية جديدة تجعل دوره تبادليا داخل منطقة اليورو، فسوف يشهد عام 2013 المزيد من التفكك. مصير فرنسا وسوف يكون أيضا عاما مصيريا بالنسبة لفرنسا، التي تدرك حكومتها تمام الإدراك أنها في غياب الإصلاحات المؤلمة فقد يكون مصيرها مؤلما؛ والسؤال الوحيد الذي يظل باقيا هو ما إذا كان بوسعها تنفيذ هذه الإصلاحات. ولن تحدد الإجابة مستقبل الرئيس فرانسوا هولاند السياسي فحسب، بل أيضا مستقبل الاتحاد الأوروبي، لأن التغلب على أزمة أوروبا أمر في حكم المستحيل في غياب الترادف القوي بين ألمانيا وفرنسا. " يتم تعزيز الاتجاهات السياسية السلبية بأوروبا بفعل حالة عدم اليقين في بريطانيا حول ما إذا كانت ستظل في الاتحاد الأوروبي، والنزعة القومية العنيفة في العديد من الدول الأعضاء " عدم اليقين في بريطانيا ومن ناحية أخرى، يتم تعزيز الاتجاهات السياسية السلبية في أوروبا بفعل حالة عدم اليقين في بريطانيا حول ما إذا كان لزاما عليها أن تظل عضوا في الاتحاد الأوروبي، والانتخابات العامة المقبلة في إيطاليا، والنزعة القومية العنيفة في العديد من الدول الأعضاء. وعلى ضوء كل هذا فإن الظروف في أوروبا تصبح بعيدة كل البعد عن الاستقرار، على الرغم من التصريحات الأخيرة التي أطلقها بعض كبار زعماء الاتحاد الأوروبي، والتي توحي بالعكس. سوف تستمر أوروبا في عام 2013 على احتياجها إلى الضغوط التي تفرضها الأزمة، والتي من المفترض أن تحملها على إيجاد السبيل للتغلب عليها إلى الأبد. وبصرف النظر عن النتائج الانتخابية في الدول الأعضاء المهمة، فسوف يظل الأوروبيون غير قادرين على توقع الكثير من زعمائهم السياسيين، لأن قوى المعارضة عموما ليس لديها ما تستطيع أن تقدمه أفضل من هذا إلا أقل القليل. وينبغي لنا أن نتمنى لأوروبا عاماً ناجحا، ولكن الحماقة أن نراهن على هذا.

لطفي المرايحي ينفي إيقافه

السبت، 12 نوفمبر، 2022 - 22:25